📁 منوعات صحية

الدودة "آكلة لحوم البشر" في المكسيك: حقيقة العدوى الطفيلية وكيفية مواجهتها

حقيقة الخبر: داء النغف وليس دودة خيالية

انتشرت أخبار في أبريل 2025 عن تسجيل أول حالة إصابة بشرية بداء النغف الجلدي في بلدة أكاكوياجوا بولاية تشياباس المكسيكية، حيث أُصيبت امرأة تبلغ من العمر 77 عامًا. هذا المرض، الذي يُشار إليه بشكل غير دقيق بـ"الدودة آكلة لحوم البشر"، هو في الواقع عدوى طفيلية ناتجة عن يرقات ذبابة تُعرف باسم الدودة الحلزونية (Cochliomyia hominivorax). هذه الذبابة تضع بيضها في الجروح المفتوحة أو الأنسجة التالفة، وتتغذى اليرقات الناتجة على الأنسجة الحية أو الميتة، مما يسبب إصابات جلدية خطيرة إذا لم تُعالج.

على عكس ما قد توحي به التسمية الشائعة، ليست هذه اليرقات دودة بالمعنى التقليدي، بل هي مرحلة يرقية من حياة الذبابة. وقد أثارت هذه الحالة قلقًا بسبب عودة ظهور الطفيلي الذي كان قد تم القضاء عليه في المكسيك بحلول عام 1986، مما دفع السلطات الصحية إلى اتخاذ إجراءات فورية.

يرقات ذبابة الدودة الحلزونية ، أكلة لحوم البشر
يرقات ذبابة الدودة الحلزونية، المسببة لداء النغف الجلدي.

ما هو داء النغف؟

داء النغف (Myiasis) هو عدوى طفيلية تحدث عندما تغزو يرقات أنواع معينة من الذباب أنسجة الجسم الحية أو الميتة. في حالة الدودة الحلزونية، تستهدف اليرقات الجروح المفتوحة أو الأنسجة التالفة، وقد تخترق في بعض الحالات الجلد السليم. تتغذى هذه اليرقات على الأنسجة، مما يؤدي إلى تقرحات وآفات جلدية مؤلمة. وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض (CDC)، يُعد داء النغف أكثر شيوعًا في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث توفر الجروح غير المعالجة بيئة مثالية لوضع بيض الذباب.

الذبابة الحلزونية ليست المسبب الوحيد لداء النغف، لكنها من الأنواع الأكثر عدوانية بسبب تفضيلها للأنسجة الحية. يمكن للذبابة الواحدة أن تضع ما يصل إلى 300 بيضة في جرح واحد، وقد تصل إلى آلاف البيض خلال حياتها القصيرة (10-30 يومًا).

موقف منظمة الصحة العالمية

لم تصدر منظمة الصحة العالمية (WHO) بيانًا محددًا حول الحالة الأخيرة في المكسيك حتى أبريل 2025، لكنها قدمت تقارير سابقة عن داء النغف كجزء من الأمراض الطفيلية. وفقًا لدراسة أجرتها المنظمة، تبلغ معدلات الوفيات الناتجة عن داء النغف حوالي 3% في الحالات البشرية، خاصة إذا لم يتم علاجها بشكل صحيح. تؤكد المنظمة على أهمية التشخيص الدقيق والعلاج الفوري لتجنب المضاعفات مثل العدوى البكتيرية الثانوية.

توصي المنظمة باتخاذ تدابير وقائية مثل تحسين النظافة العامة، معالجة الجروح فورًا، واستخدام مبيدات حشرية للحد من انتشار الذباب المسبب للمرض. كما تدعو إلى تكثيف المراقبة الصحية في المناطق المعرضة للخطر، مثل المناطق الريفية ذات الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية.

الأعراض: كيف تعرف أنك مصاب؟

تبدأ أعراض داء النغف عادةً بظهور آفات جلدية صغيرة تشبه الدمامل، والتي تتطور بسرعة إلى جروح مفتوحة ومتقيحة. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

  • ظهور كتل صغيرة على الجلد قد تتحرك بسبب نشاط اليرقات.
  • ألم شديد وحكة في المنطقة المصابة.
  • إفرازات متقيحة أو دموية من الجروح.
  • الشعور بحركة داخل الجرح، وهو ما يميز هذه العدوى.
  • في الحالات الشديدة، قد تحدث عدوى ثانوية تؤدي إلى الحمى أو تسمم الدم.

تظهر هذه الأعراض غالبًا خلال أيام من وضع البيض، حيث تستغرق اليرقات من 24 إلى 48 ساعة لتفقس وتبدأ بالتغذية على الأنسجة.

آفات جلدية ناتجة عن داء النغف
آفات جلدية ناتجة عن داء النغف، تظهر كجروح مفتوحة متقيحة.

الوقاية: خطوات بسيطة لتجنب العدوى

داء النغف ليس مرضًا معديًا ينتقل بين البشر، بل يعتمد على الذباب كوسيط لنقل اليرقات. لذا، تتركز الوقاية على تقليل التعرض للذباب والحفاظ على النظافة. تشمل التدابير الوقائية:

  1. معالجة الجروح فورًا: تنظيف الجروح وتغطيتها بضمادات نظيفة يمنع الذباب من وضع بيضه.
  2. استخدام طارد الحشرات: وضع مستحضرات طاردة للحشرات على الجلد المكشوف في المناطق المعرضة.
  3. ارتداء ملابس واقية: تغطية الجسم بالملابس الطويلة في المناطق الريفية أو الاستوائية.
  4. تحسين الصرف الصحي: التخلص السليم من النفايات يقلل من تكاثر الذباب.
  5. فحص الحيوانات الأليفة: مراقبة الجروح لدى الحيوانات، حيث يمكن أن تكون مصدرًا للعدوى.

كما يُنصح بتجنب السفر إلى المناطق التي تم الإبلاغ عن حالات داء النغف فيها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

العلاج: خطوات فعالة للتخلص من اليرقات

يتطلب علاج داء النغف تدخلًا طبيًا فوريًا لإزالة اليرقات ومنع المضاعفات. تشمل الخطوات العلاجية:

  • الإزالة الجراحية: تُعد الطريقة الأساسية، حيث يقوم الطبيب بإزالة اليرقات من الجروح تحت التخدير الموضعي.
  • المضادات الحيوية: تُستخدم لعلاج أو منع العدوى البكتيرية الثانوية.
  • تنظيف الجروح: الحفاظ على نظافة المنطقة المصابة وتغطيتها لمنع إعادة الإصابة.

خلافًا لبعض الادعاءات، داء النغف قابل للعلاج إذا تم تشخيصه مبكرًا، ولا يؤدي بالضرورة إلى الوفاة. ومع ذلك، التأخر في العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل تسمم الدم.

الوضع الحالي والتحديات

تُعد عودة ظهور الدودة الحلزونية في المكسيك تحديًا صحيًا يتطلب استجابة سريعة. اتخذت السلطات المكسيكية إجراءات مثل تعليق استيراد الماشية من المناطق المصابة، بينما تعمل الولايات المتحدة على مراقبة الحدود لمنع انتشار الطفيلي.

يُبرز هذا الحدث أهمية تعزيز أنظمة المراقبة الصحية وتحسين الوعي العام بالأمراض الطفيلية. في المناطق الريفية، حيث يكون الوصول إلى الرعاية الصحية محدودًا، تظل الوقاية هي الخط الأول للدفاع.

خاتمة

الدودة "آكلة لحوم البشر" ليست وحشًا خياليًا، بل عدوى طفيلية معروفة يمكن الوقاية منها وعلاجها باتباع تدابير صحية بسيطة. من خلال التشخيص المبكر، العلاج المناسب، والتزام الإرشادات الصحية، يمكن تقليل مخاطر داء النغف بشكل كبير. تظل النظافة الشخصية والبيئية المفتاح لمنع انتشار هذه العدوى، خاصة في المناطق المعرضة للخطر.

المصادر

  1. منظمة الصحة العالمية: تقارير عن الأمراض الطفيلية. www.who.int
  2. [](https://zahraa.mr/4747503/%25D8%25A3%25D8%25AE%25D8%25B7%25D8%25B1-%25D9%2585%25D9%2586-%25D9%2583%25D9%2588%25D8%25B1%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25A7-%25D8%25AA%25D8%25B3%25D8%25AC%25D9%258A%25D9%2584-%25D8%25A3%25D9%2588%25D9%2584-%25D8%25AD%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A9-%25D8%25A5%25D8%25B5%25D8%25A7%25D8%25A8%25D8%25A9-%25D8%25A8%25D8%25A7-2/)
  3. مراكز السيطرة على الأمراض (CDC): داء النغف. www.cdc.gov
  4. [](https://www.elwatannews.com/news/details/8066951)
  5. البوابة نيوز: تقرير عن الدودة آكلة لحوم البشر في المكسيك. www.albawabhnews.com
  6. [](https://www.albawabhnews.com/5186334)
  7. منظمة الأغذية والزراعة: الدودة الحلزونية. www.fao.org
  8. [](https://www.fao.org/newsroom/story/the-screwworm-menace-affecting-animals-and-threatening-humans-in-senegal/ar)
  9. Le12.ma: تقرير عن إصابة في المكسيك. le12.ma
  10. [](https://le12.ma/article/552037/)