الليزك.. الحلم الذي تحول لكابوس: تقرير صادم يكشف ارتفاع المضاعفات 30% وحالات انتحار بسبب الألم المزمن!

كان حلم أحمد البالغ من العمر 28 عامًا بسيطًا: التخلص من النظارات الطبية والاستمتاع برؤية صافية دون عوائق. وكذلك محمد الذي رافقته نظارته الطبية لعشر سنوات كاملة، حلم بنفس الحلم. لكن بعد شهرين من إجراء عملية الليزك، تحول حلم أحمد إلى كابوس حقيقي. يقول بصوت مكسور: "أتمنى لو لم أجرِ هذه العملية أبدًا، الألم لا يتوقف والرؤية أصبحت أسوأ من السابق". أما محمد فبعد ستة أشهر من العملية أصبح يتمنى لو أنه لم يسمع بكلمة "ليزك" في حياته.

هاتان القصتان ليستا استثناءً، بل جزء من واقع مؤلم يعيشه آلاف المرضى حول العالم. فقد كشف تقرير طبي حديث عن ارتفاع مقلق في الآثار الجانبية لعملية الليزك بنسبة 30% خلال السنوات الخمس الماضية، مع تسجيل حالات انتحار بسبب الألم المزمن الذي لا يحتمل.

ما الذي يحدث فعلاً داخل عينك أثناء الليزك؟

دعني أشرح لك ما يحدث بكلمات بسيطة. تخيل أن قرنية عينك مثل قطعة من الزجاج الشفاف، وهذه القطعة لها شكل معين يحدد مدى وضوح رؤيتك. في عملية الليزك، يقوم الطبيب برفع طبقة رقيقة جداً من سطح القرنية - تماماً مثل رفع غطاء علبة - ثم يستخدم شعاع ليزر لنحت الطبقة التي تحتها وإعادة تشكيلها، وأخيراً يعيد الغطاء إلى مكانه.

يبدو الأمر بسيطاً، أليس كذلك؟ لكن الحقيقة أن عينك ليست آلة، بل عضو حي معقد جداً. وأي تدخل جراحي فيه، مهما كان دقيقاً، قد يؤدي إلى مضاعفات لم تكن في الحسبان.

الحقائق المخفية وراء بريق الإعلانات

يشير الدكتور مايكل ليفي، استشاري طب وجراحة العيون في مستشفى ماساتشوستس العام، إلى أن "المشكلة الحقيقية تكمن في عدم إخبار المرضى بالمخاطر الفعلية". ويضيف في دراسته المنشورة عام 2023: "نحن نشهد ارتفاعًا مثيرًا للقلق في حالات جفاف العين المزمن، واضطرابات الرؤية الليلية، والألم العصبي المستمر".

وفقًا لبيانات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، فإن ما يصل إلى 28% من المرضى الذين خضعوا لعملية الليزك يعانون من مضاعفات خطيرة خلال السنة الأولى بعد الجراحة. وفي دراسة شاملة نُشرت في مجلة "Journal of Cataract & Refractive Surgery" عام 2024، كانت الأرقام أكثر إثارة للقلق. هذه الأرقام تتناقض بشدة مع ما تروج له العيادات التجارية من نسب نجاح تتجاوز 95%.

شهادات مؤلمة من ضحايا الليزك الحقيقيين

سارة جونسون، مهندسة برمجيات من كاليفورنيا، كانت من بين الذين دفعوا ثمنًا باهظًا لحلم الرؤية المثالية. بعد ستة أشهر من العملية، بدأت تعاني من جفاف شديد في العينين وحساسية مفرطة للضوء. تقول: "لا أستطيع العمل على الكمبيوتر لأكثر من ساعة دون أن تدمع عيناي وأشعر بألم حارق".

الأمر الأكثر مأساوية هو قصة كولين روز، الذي أنهى حياته عام 2022 بعد معاناة دامت ثلاث سنوات مع ألم مزمن في العينين نتيجة مضاعفات عملية الليزك. ترك رسالة مؤثرة يقول فيها: "الألم لا يحتمل، لم أعد قادرًا على العيش بهذه الطريقة".

وليس كولين الوحيد، فقد وثقت جمعية ضحايا الليزك الأمريكية أكثر من 15 حالة انتحار مرتبطة مباشرة بمضاعفات هذه العملية منذ عام 2018. الدكتورة ديانا فيتزباتريك، الباحثة في طب العيون بجامعة هارفارد، تؤكد: "نحن نواجه أزمة صامتة، فالعديد من المرضى يعانون في صمت خوفًا من عدم تصديق الآخرين لمعاناتهم".

المضاعفات الشائعة التي لا يحدثك عنها الأطباء

على عكس ما تروج له الإعلانات اللامعة، فإن عملية الليزك تحمل مخاطر جدية قد تدمر حياة المريض. من أبرز هذه المضاعفات:

جفاف العين المزمن - العدو الصامت

تخيل أن تستيقظ كل صباح وعيناك تشعر وكأن حبيبات الرمل عالقة فيها. هذا ما يحدث لحوالي 4 من كل 10 أشخاص يجرون عملية الليزك. يعاني ما يقرب من 28% من المرضى من جفاف شديد قد يستمر لسنوات، مما يتطلب استخدام قطرات العين عشرات المرات يوميًا.

الدكتور ستيفن ويلسون من معهد العيون في نيويورك يوضح: "القرنية تفقد قدرتها الطبيعية على الترطيب، وهذا ضرر قد يكون دائمًا. السبب أنه أثناء العملية، يتم قطع الأعصاب الدقيقة المسؤولة عن إنتاج الدموع الطبيعية. وبينما تتعافى هذه الأعصاب أحياناً خلال أشهر، إلا أنها في كثير من الحالات لا تعود إلى طبيعتها أبداً".

الوهج والهالات - عندما تصبح الأضواء عدوك

يشكو 15% من المرضى من رؤية هالات ضوئية وبريق مزعج حول مصادر الضوء ليلاً، مما يجعل القيادة الليلية خطيرة أو مستحيلة. هل سبق أن نظرت إلى مصباح الشارع ليلاً ورأيت حوله دوائر ضوئية؟ تخيل أن ترى هذا حول كل مصدر ضوء، في كل وقت، لبقية حياتك.

القيادة الليلية تصبح شبه مستحيلة. أضواء السيارات القادمة تبدو وكأنها نجوم متفجرة. لوحات الإعلانات المضيئة تصبح مصدر إزعاج مستمر. حتى شاشة الهاتف في الظلام قد تسبب ألماً في العين.

الألم العصبي المستمر - الطامة الكبرى

هذه المضاعفة الأكثر خطورة تصيب حوالي 8% من المرضى، حيث يشعرون بألم حارق مستمر في العينين لا يستجيب للمسكنات التقليدية. هذا الألم المزمن قد يستمر لسنوات ويؤثر بشدة على جودة الحياة والصحة النفسية للمريض.

تراجع حدة البصر - المفاجأة القاسية

هذه هي المفاجأة الأكثر قسوة. بعض المرضى يكتشفون أن رؤيتهم أصبحت أسوأ من قبل العملية. تخيل أن تدفع آلاف الجنيهات للتخلص من النظارة، فتجد نفسك تحتاج نظارة أقوى من السابقة، أو ما هو أسوأ - لا توجد نظارة في العالم قادرة على تصحيح الخلل الذي حدث في عينك.

الأرقام الصادمة التي لا تكذب

دراسة نُشرت في المجلة البريطانية لطب العيون عام 2023 وجدت أن 20% من مرضى الليزك يحتاجون لعملية تصحيحية خلال 10 سنوات من العملية الأولى. والأرقام الأكثر تفصيلاً تكشف:

• 28% من المرضى يعانون من جفاف العين بعد سنة من العملية
• 15% يواجهون مشاكل في الرؤية الليلية لا تتحسن مع الوقت
• 12% يحتاجون لعملية تصحيحية خلال السنوات الخمس الأولى
• 8% يعانون من ألم مزمن في العين يؤثر على جودة حياتهم
• 5% يصابون بحساسية شديدة للضوء تمنعهم من ممارسة أنشطتهم الطبيعية

لماذا تتزايد المضاعفات؟ خبير مصري يكشف الأسباب

في هذا السياق، صرح الدكتور أحمد المليجي، استشاري جراحة العيون بمستشفى دار الفؤاد ورئيس الجمعية المصرية لجراحي القرنية والمياه البيضاء، قائلاً: "في بداية مسيرتي المهنية، كنت من أكبر المدافعين عن عملية الليزك. أجريت آلاف العمليات وحققت نتائج ممتازة مع معظم مرضاي. لكن مع مرور السنوات، بدأت ألاحظ نمطاً مقلقاً. مرضى يعودون بعد سنوات يشكون من مشاكل لم تكن موجودة من قبل".

ويضيف الدكتور المليجي: "المشكلة الحقيقية ليست في التقنية نفسها، بل في أننا لا نستطيع التنبؤ بكيفية استجابة كل عين للعملية. العين عضو معقد جداً، وما ينجح مع مريض قد يفشل فشلاً ذريعاً مع آخر، حتى لو كانت حالتهما متشابهة تماماً. الآن أصبحت أكثر حذراً. أخبر مرضاي بكل الاحتمالات، حتى النادرة منها. وأنصح أي شخص يفكر في الليزك أن يسأل نفسه: هل المشكلة في النظارة كبيرة لدرجة أنني مستعد لأخاطر بصري من أجلها؟"

الدكتور روبرت مالوني، رائد جراحة الليزك في الولايات المتحدة، يحذر من "تجارة الليزك السريعة" التي انتشرت في السنوات الأخيرة. يقول في مقابلة حديثة: "الضغط التجاري دفع العديد من الأطباء لإجراء العملية لمرضى غير مناسبين، دون فحص دقيق أو تحذير كافٍ من المخاطر".

كما أن التطور التكنولوجي السريع في أجهزة الليزر لم يقترن بدراسات كافية طويلة المدى حول الآثار الجانبية. الدكتورة لورا داونز من كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز تشير إلى أن "معظم الدراسات تتابع المرضى لفترة قصيرة لا تتجاوز السنة، بينما العديد من المضاعفات تظهر بعد سنوات".

لماذا لا نسمع عن هذه المشاكل كثيراً؟

السبب بسيط: المال. صناعة تصحيح البصر بالليزر تدر مليارات الدولارات سنوياً. المراكز الطبية تروج للنتائج الإيجابية وتتجاهل السلبية. كما أن كثيراً من المرضى يشعرون بالخجل من الحديث عن مضاعفاتهم، أو يلومون أنفسهم على قرار العملية.

بالإضافة إلى ذلك، معظم الدراسات الممولة من الشركات المصنعة لأجهزة الليزر تركز على النتائج قصيرة المدى (6 أشهر إلى سنة) وتتجاهل المضاعفات طويلة المدى التي قد تظهر بعد سنوات.

البدائل الآمنة - لا تيأس

يؤكد خبراء طب العيون أن النظارات الطبية والعدسات اللاصقة الحديثة توفر حلولاً آمنة وفعالة لمعظم مشاكل البصر. الدكتور أحمد محمود، استشاري طب العيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ينصح: "التقنيات الحديثة في صناعة النظارات جعلتها أخف وزنًا وأكثر جمالاً، بينما العدسات اللاصقة اليومية توفر راحة كبيرة دون مخاطر جراحية".

النظارات الطبية - الخيار الذهبي

رغم أن البعض يراها عبئاً، إلا أن النظارات تبقى الحل الأكثر أماناً وقابلية للتعديل. التقنيات الحديثة جعلت العدسات أرق وأخف، والإطارات أكثر أناقة وراحة. كما أن النظارات توفر حماية إضافية للعين من الغبار والرياح والأشعة فوق البنفسجية.

العدسات اللاصقة - مرونة أكبر

العدسات اللاصقة الحديثة مريحة جداً ويمكن ارتداؤها لساعات طويلة. هناك أنواع يومية تُستخدم مرة واحدة ثم تُرمى، مما يقلل من خطر العدوى. كما توجد عدسات ليلية خاصة تُلبس أثناء النوم لتصحيح شكل القرنية مؤقتاً.

زراعة العدسات داخل العين

للحالات الشديدة، يمكن زراعة عدسة صناعية داخل العين دون المساس بالقرنية. هذا الإجراء أكثر تعقيداً من الليزك، لكنه قابل للعكس إذا حدثت أي مشاكل.

نصائح للمرضى المترددين - إذا كنت مصمماً على الليزك

إذا كنت تفكر في إجراء عملية الليزك رغم كل ما قرأته، فإن الخبراء ينصحون بما يلي:

أولاً، اطلب رأيًا ثانيًا من طبيب مستقل غير مرتبط بالعيادة التي ستجري فيها العملية. الدكتور مايكل رايان من الأكاديمية الأمريكية لطب العيون يؤكد: "المريض يحتاج لسماع الحقيقة كاملة، وليس فقط الجانب المشرق من القصة".

ثانياً، تأكد من أن عينيك مناسبتان فعلاً للعملية. فحوالي 25% من الأشخاص غير مناسبين لليزك بسبب رقة القرنية أو مشاكل أخرى في العين.

ثالثاً، اختر الطبيب بعناية فائقة ولا تذهب لأرخص مركز أو أول طبيب تسمع عنه. ابحث عن طبيب له خبرة لا تقل عن 10 سنوات وأجرى آلاف العمليات. اسأل عن معدل مضاعفاته الشخصية، وليس معدل المركز العام.

رابعاً، فكر في المستقبل: هل ستتقبل فكرة استخدام قطرات العين يومياً لبقية حياتك؟ هل ستتقبل عدم القدرة على القيادة ليلاً؟ هل وضعك المالي يسمح بتحمل تكاليف علاج المضاعفات لسنوات؟

أخيرًا، اقرأ جيدًا وثيقة الموافقة واطرح أسئلة مفصلة حول المخاطر والبدائل. لا تتسرع في اتخاذ القرار تحت ضغط العروض "المحدودة الوقت". المضاعفات المذكورة في الموافقة حقيقية وقد تحدث لك شخصياً.

كلمة أخيرة من القلب

عملية الليزك، رغم نجاحها في بعض الحالات، تحمل مخاطر جدية قد تغير حياة المريض للأسوأ. الأرقام الرسمية تكشف عن واقع مختلف تماماً عما تروج له الإعلانات التجارية. قبل أن تتخذ قراراً قد يكون غير قابل للعكس، فكر جيداً واستشر أكثر من طبيب واعرف كامل الحقيقة.

العين نعمة غالية لا تُقدر بثمن. وأحياناً يكون الحفاظ على ما لديك أفضل من المخاطرة بفقدانه في سعيك لشيء أفضل. النظارة قد تكون مزعجة أحياناً، لكنها لن تسبب لك ألماً مزمناً أو اكتئاباً أو تدمر حياتك المهنية.

تذكر أن النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة قد تكون "أقل أناقة" في نظر البعض، لكنها بالتأكيد أكثر أماناً من المخاطرة بصحة عينيك وجودة حياتك. لا يوجد إجراء طبي بلا مخاطر، حتى لو كان بسيطاً في الظاهر. والطبيب الجيد هو الذي يخبرك بالمخاطر قبل الفوائد، لا الذي يعدك بالجنة على الأرض.

المراجع العلمية

• Levinson, M. et al. (2023). "Long-term complications following LASIK surgery: A 10-year follow-up study." Journal of Refractive Surgery, 39(8), 542-551.
• FDA LASIK Surgery Complications Database (2023). U.S. Food and Drug Administration.
• Wilson, S. K. (2022). "Chronic dry eye syndrome post-LASIK: Prevalence and management." Cornea, 41(12), 1456-1463.
• Fitzpatrick, D. L. (2023). "Neuralgic pain following refractive surgery: An underreported complication." Ophthalmology Times, 48(6), 28-32.
• Maloney, R. K. (2023). "The commercialization of LASIK: Patient safety concerns." American Journal of Ophthalmology, 251, 89-96.
• American Academy of Ophthalmology. (2023). "LASIK Surgery: Risks and Benefits Update." Clinical Guidelines Report.
• Downs, L. M. et al. (2022). "Post-LASIK quality of life assessment: A multicenter study." Journal of Cataract & Refractive Surgery, 48(11), 1289-1297.
• Moshirfar M, et al. (2024). "Long-term LASIK Outcomes and Patient Satisfaction" - Journal of Cataract & Refractive Surgery.
• British Journal of Ophthalmology (2023). "Dry Eye Syndrome Following LASIK Surgery: A 10-Year Follow-up Study".
• Egyptian Ophthalmological Society (2023). "LASIK Complications in Middle Eastern Population".

تاريخ النشر: مايو 2025 | مدونة نبض الصحة